في السلوك اليومي نقوم بأفعال كثيرة بطريقة آلية ودون تفكير:
المشي
الكتابة
الأكل
اللبس
الجمع
الطرح
التحدث
القيادة..
بعض العادات من شدة لا إراديتها لو فكرت فيها حدثت لك الحيرة.
لو فكرت أي رجليك تقدم في المشي؟ مع أن السنة حددت حالات يشرع فيها تقديم اليمين؛ كالدخول إلى المسجد، وأخرى نقيضها كالخروج منه.
عندما تنام أين تضع يديك؟ على صدرك أم على السرير أم على جنبك؟
الحفظ هو عادة حيث إن كل مقطع أو آية يكون ممهداً عند قراءته للذي بعده دون تفكير، والتكرار يرسخ ذلك، ولو بقي القارئ يتأمل ويفكر فيما بعد الآية أو المقطع لتردد أو توقف أو ارتبك.
حياتنا الإنسانية هي صرح مشيد من العادات العاطفية والفكرية والسلوكية.
العادة قانون غير مكتوب يسلم له الجميع وهي أقوى من القانون.
الملبس، الغترة، الطاقية، العقال، العباءة..
يوجد مجتمعات بلا قوانين؛ كالمجتمعات البدائية، ولكن لا يوجد مجتمعات بلا عادات ولا حتى أفراد حتى الحيوانات وهي تتحرك بالغرائز تكتسب بعض العادات، ولذلك عندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن
الحديبية، حتى كانوا ببعض الطريق... و (
سار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها، بركت به راحلته. فقال الناس: حل حل. فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، خلأت القصواء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ) رواه
البخاري.
وقال تعالى: ((
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))[المائدة:4].
فالكلاب تعلم على الصيد وتندفع إذا دفعت وتنزجر إذا زجرت، وكذلك تدرب الكلاب على كشف المخدرات والمتفجرات بضرب من الاحتيال على طبيعتها.. وقد رأيت من هذا عجباً في إحدى دوائر الجمارك، ويمكن مشاهدة مثل ذلك في مقاطع اليوتيوب.
مع الوقت يمكن أن نتعود على المناخ الحار أو البارد، وعلى تعب العمل الذي نمارسه لفترة طويلة، وعلى تهكم زملائنا بنا، وتنشأ لدينا مهارات من تكرارنا لبعض الأعمال إلى حد الإتقان؛ كحذق أصحاب الحرف بنشاطاتهم، وسرعة الطباعة، وإبداع قيادة الدراجة أو السيارة أو ممارسة الرياضة.
تتصل العادات بالضرورات الحيوية؛ كالأكل، والشرب، والنوم، والزواج، وأنماط العيش، واحترام الذات.. فالعادات هي الحروف التفصيلية لتلك العناوين المجملة.
العادة: هي ذلك الطريق المعبد الذي تم رسمه بكثرة مرور السيارات أو وطء الأقدام عليه، فيظل الإنسان يسلكه حتى يكتشف طريقا أقصر وأفضل.
تكرار الفعل هو تأثير نفسي وتأثير عضوي فسيولوجي.
في كل مرة تمارس فيها عادة حسنة؛ كتقبيل يد الوالد أو رأسه، أو سيئة كالتدخين.. تحدث سلسلة من النبضات الكهربائية في المخ، وكلما تكرر الفعل أصبحت أسهل حتى تكون في نهاية المطاف تلقائية.
لو لم تكن العادة موجودة لكان لبس الثوب أو خلعه يستغرق يوماً كاملاً، ولكان الإنسان عاجزاً عن التكيف مع المواقف الجديدة، ومن الملاحظ أن لاعب كرة القدم يمكنه ممارسة لعب كرة السلة أو كرة اليد.. أسرع من غيره.